ليسوا منا ... ولسنا منهم

بينما كنت سائحا في هذا الملكوت ..طائرا بين أفكار قاتمة اللون قاسيه الطبع
و تخيلات و تصورات كأشباح سوداء ترتدي ملابس أكثر سوادا ..مرت أمام
عيناي مجموعات من الصور حملت هي الأخرى ملامح بالغه الأسى و الحزن
صور مختلفة لم تحتملها عيناي كثيرا قبل أن يحاول جفناي أي ينغلقا كاملا
في محاوله للهروب من بشاعة الصور التي فاجأتني بإصرارها على أن تظل أمامي رغم تأكدي من أن الجفون

واصلت رحلتها لتغلق حدقتي العين .. و لكن يبدو أن الصور قد حفرت في الذاكرة .. و اختارت أن
تنغص على تلك الحياة البائسة التي أحياها فكريا ..

و بينما أنا مستسلم لتلك الصور السوداء التي حملت تفاصيل أزلال أمه كاملة
هي خير أمه أخرجت للناس ..

بفعل رؤوس القوم الذين اختاروا الكرسي
و باعوا بمن أجله الغالي و النفيس .. الذي انشقوا عن صفوف الجماهير
و ابتعدوا عن نبضها ..الذين رضخوا للشيطان الأعظم في عالم الدول و الحكومات أمريكا

و لحاكمها الذي يحركهم طوع البنان ..

و بينما أنا على هذا الحال وإنا أتصفح جهازي الكمبيوتر الخاص بى أقوم بتشغيل أحد مقاطع الصوت وإذا بصوت أحبه يندفع إلى أذني تصاحبه أنغام أعرفها جيدا .. فهذا صوت الشيخ إمام و هذه هي ألحان عوده الشجي
الثائر .. و إذا بكلماته التي يرددها ترسم شعاع من النور يشق تلك الظلمة في مخيلتي و يعيد وهج من الضوء .. فها أنا أسمعه يقول ..

اللي خانوا العهد بنا
و استباحوا كل حاجه
و إستهانو بالعروبة
و إستكانوا للخواجة
مستحيل هيكونوا منا
إحنا حاجه و هما حاجه ..

ارتسمت ابتسامه أمل على شفتاي المرتعشتان خوفا ..و أنا أردد تلك الكلمات و لكن سرعان ما أنقلب الوجه المبتسم إلى وجه عبوس متكدر و أنا أطالع أخر الأخبار على صفحات الانترنت

بالإفراج عن هاني سرور وكل من معه فى قضية أكياس الدم الملوثة التي مات بسببها الكثير والحكم عسكريا على 25 من جماعة الأخوان المسلمون في القضية المعروفة بقضية خيرت الشاطر ومن معه وهى قضية غسيل أموال ملفقه كالعادة .. !!

وأيضا القبض على إسراء عبد الفتاح التي دعت إلى إضراب 6 ابريل على الفيس بوك وتدعو الى إضراب 4 مايو .. ولم يستدل على مكانه بعد الإفراج عنه وبعد أيام يتم الإفراج عنه لظروف صحية وإذا بالصحف والقنوات تشكر وزير الدخليه عن هذه اللمسة الانسانيه للإفراج عن إسراء .. !! هي كانت عملت إيه علشان ينقبض عليه ويفرجه عنه .. فين الحرية والديمقراطية اللى بتتكلم عليه .

هذا ما جناه الشرفاء في هذا الوطن من مواقفهم المعارضة للحكم الجائر والحاكم الظالم ومن معه .

ويزدات وجهي تكدرا عندما أتذكر ما يحدث في غزه والعراق ولبنان .. ومن هنا :

يعود إلى أذهني نص تصريح للقرد الأكبر إيهود أولمرت يوجهه إلى أشقائي في لبنان و يقول ..:

"انظروا كيف أن دولا عربية وإسلامية أعربت عن استيائها من حزب الله ،

إنهم يؤيدون حق دولة إسرائيل في الدفاع عن نفسها"!

هذا ما جناه حكام العار من مواقفهم المخزية التي لا تنم إلا عن كرامه قد بيعت في سوق النخاسة هكذا وجد هؤلاء الناس أنفسهم في نفس الخندق مع إسرائيل .. هكذا توحدت الرؤى جهرا كما كانت متوحدة سرا .. فأصبح السر و العلانية سواء بسواء لعل المواقف المشينة هذه قد جعلت السود يغلب على رأسي المنكس حرجا لكرامه تهان و شعب ينتهك و أمه تطعن في أعز ما تملك في أبنائها ..

و مره ثانيه من قلب الظلمات ينبت شعاع جديد من النور مع صوت أخر طالعته على شاشه الجهاز
كان الوجه الطيب للداعية الإسلامي الدكتور محمد عماره بصوته الدافئ يقول ..
نحن أمتان .. أمه الشعب و أمه الأنظمة
أما أمه الأنظمة فلا مجال للحديث عنها فهي لا تستحق
و لكن أمه الشعوب ستبقى و تبقى فقط يجب أن تعلم أن الصراع صراع تاريخي
طويل الأجل لن ينتهي ليوم و ليله
فلا تكون هي بنفسها الماء الذي يطفئ نار المقاومة المتأججة
و لكن تكون الوقود الذي يزيدها إشتعلال

ما أروع تلك المواقف الواضحة التي تخرج من إناس أخذوا الصدق طريق
و رفضوا النفاق كوسيلة للوصول إلى شهوات دنيه و مصالح و أهواء شخصيه

حقا الحق بين لمن يريد أن يراه و الضلال وطريقه في قمة الوضوح لمن يحب أن يسلك الدرب السئ

أخوك البروفسير

احمد سيف