التخطي إلى المحتوى الرئيسي

غيبوبة الإعلام الإخواني .. خارطة طريق للإنعاش



تجاوز حالة انكسار الإعلام الإخواني والتي تسببت في تورط الجماعة في معارك كثيرة دون غطاء إعلامي أمر ليس بالمستحيل أو العقبة الكئود التي لا يمكن تجاوزها ، والاعتراف بداية بوجود أزمة شائكة تتعلق بهذا الملف داخل الجماعة – دون تسويف أو تبرير– بداية حقيقية لإعادة تسيير دفة الآلة الإعلامية المعطلة ، فما يزيد الأزمة تفاقما عدم إدراك البعض أن ثمة مشكلة قائمة من الأساس ، وأن الله يقيض للجماعة من يذود عنها دون إدراك متطلبات ذلك .

الأسباب أمنية في المقام الأول لحالة التردي القائمة - إعلاميا- داخل أروقة الجماعة ، وهي أسباب منطقية ترضي الكثير من قيادات الإخوان مجنبة إياهم عناء التبرير والتوضيح ، ويتكأ عليها آخرون في تفسير حالة الموت الإكلينيكي التي ضربت كثير من أدوات الذراع الإعلامي للجماعة خلال السنوات القلائل الأخيرة ، لكن الأزمة لها شق آخر لا يقل وجاهة عن المشار إليه ، ويكاد يكون هو المحرك الرئيس لهذا الملف في حال الرغبة في إخراجه من الأدراج .

إرادة وإدارة

التجربة الحمساوية في مجال الإعلام ارتكزت في منظومة نجاحها على وجود إرادة حقيقية لدى قادة الحركة لامتلاك إمبراطورية إعلامية – إن صح التعبير- تشمل قنوات وصحف ووكالات أنباء ومواقع الكترونية ومنتديات وإنتاج سينمائي ، اعتبرتها الحركة مكونا رئيسا ضمن بنيتها التحتية لا يمكن التخلي عنه أو التقليل من قيمته . دفعها لذلك إدراك ووعي حقيقيين بالمكانة المركزية للآلة الإعلامية ما أتاح لها قدرات إعلامية متميزة ونوعية في معركتها ضد الاحتلال ، وكذلك ضد خصومها في الداخل والخارج .

الحركة الوليدة تفوقت على الأم في إدارة هذا الملف في تجربة أقل ما توصف أنها ناجحة ما يحتم ضرورة دراستها واستقراء الدروس منها ، مع الأخذ في الاعتبار أن التمويل المادي لا يمثل عائقا أمام جماعة بحجم الإخوان تستطيع توفير التمويل الذاتي من أفرادها ، وقد نجحت في تمويل حملة انتخابية هي الأضخم في تاريخ الجماعة لمساندة 160 مرشحا في الانتخابات البرلمانية عام 2005 .

من الضروري أن يدرك قادة الجماعة أن الاستثمار في مجال الإعلام رغم كلفته الباهظة قد لا يجنون من ورائه مكسبا ماديا سريعا، مع أهمية تجاوز نظرة البعض من كون هذا قد يعد إهدارا لأموال الجماعة ، وهي نظرة دونية لأهمية الإعلام لا تدرك حجم تأثيراته بعد ، وعلى سبيل المثال فإن تجربة مثل "المصري اليوم" وعلى لسان مؤسسيها قد خسرت نحو15 مليون جنيه على مدار ثلاث سنوات منذ بداية صدورها ، وهي خسارة فادحة بلا شك ، لكن النظر إلى ما تحققه اليوم من مكاسب مادية ، وقدرة على التأثير في الرأي العام وكذلك صانع القرار يؤكد أهمية تجاوز النظر تحت الأقدام ، والتطلع للمستقبل برؤية مختلفة .

إغلاق صحيفة أو مصادرة أخرى لا يعد نهاية المطاف لجماعة تاريخية لها ثقلها ، وقد تمرست سياسة الحجب والحظر ، ولها خبرات تاريخية في مواجهة ذلك ، وتستطيع حال امتلاك إرادة حقيقية ، وقرارات عملية تستند إلى إدارة واعية من أهل الاختصاص والكفاءة أن تنعش هذا الملف من جديد ، وأن تبدأ من حيث انتهى الآخرون .

خيارات الإنعاش

الجماعة ليست مطالبة بإنشاء جريدة يومية تكون لسان حالها ، وتكرر بشكل أو بآخر تجربة آفاق عربية وهو أمر ربما لن يسمح به النظام الحاكم على الأقل خلال هذه الفترة التي تشهد صداما عنيفا بين الجماعة والسلطة ، وتتعرض خلاله لهجوم إعلامي منظم تقوده بلا هوداة صحف حكومية ومستقلة تسرب لها أجهزة أمنية ما تعتبره هي إنفرادات صحفية !.

ولا يمكن بأي حال من الأحوال اختزال الجماعة وتقزيم صورتها في موقع الكتروني لا يعبر عنها في كثير من الأحيان ، ويثير انتقادات تيارات عدة بما فيها الصف الإخواني ذاته ، دون أن يقدم رؤية جديدة وأسلوبا مختلفا في الطرح والتناول لقضايا الوطن والجماعة ، ناهيك عن تقوقع خطابه ، وانغلاقه على نفسه ، يسانده المأزق عشرات المواقع الإخوانية في الأقاليم والتي يشرف عليها هواة ، وتعتمد النقل والاقتباس من الموقع الأم وغيره من المواقع الأخرى .

إزاء ذلك يمكن القول أن تنوع البنى التحتية الإعلامية في الكثير من الحركات السياسية والدينية ، وتطور وسائل الاتصال والمعلوماتية بشكل مذهل يمنح الجماعة الكثير من الخيارات للتمدد إعلاميا ، وإزالة عناصر الوهن من ذراعها الإعلامي ، فلم تعد الصحيفة الورقية هي المتنفس الوحيد أمام القارئ ، وليس من المنطقي أن ينتظر أفراد الصف الإخواني تعليمات عليا بقراءة صحيفة ما ، أو مقاطعة أخرى ، كما لم يعد مستساغا أن تنتظر الجماعة أن تمن عليها صحيفة مستقلة أو معارضة بنشر مقالة لأحد قياديها ، أو رد لها على اتهامات توجه إليها سرعان ما يتعرض لتحريف يضطرها للنفي والتكذيب.

التطور القائم على الساحة الإعلامية يفرض تحديات ومتغيرات عدة ، وما تحدثه قنوات من صدى مؤثر مثل الجزيرة التي تعرف بأنها صنعت دولة ، وكذلك مواقع "الفيس بوك" و " يوتيوب" وغيرها ، تؤكد أن اللعبة الإعلامية باتت مختلفة ، وتتطلب أدوات جديدة ، وقد يفرض عليها أن تنطلق في ميادين أخرى لتجاوز الحجب والحظر، وتمتلك الجماعة في سبيل ذلك تواجدا في أكثر من 70 دولة في العالم يمكن أن يمنحها آلة إعلامية قوية ، وأذرع مختلفة التوجهات والرؤى ، وصحفا يومية وأسبوعية ، ومواقع ومنتديات الكترونية ، وقنوات فضائية وإذاعية ، كما تمتلك كحركة وتنظيم سياسي - حسب خبراء إعلاميين- أكبر شبكة من المراسلين من أفرادها لا تتوافر لأي تنظيم أو حزب آخر يؤسس لها وكالة إخبارية تغطي الشأن الإخواني وأخبار الجماعة في مختلف العواصم .

من غير الملائم كذلك أن تسود لغة الاحتواء والسيطرة عند التعامل مع جيش المدونين الذي تمتلكه الجماعة ، وتسارع قيادات بارزة نحو لجم هذا التيار ، ومحاولة إرجاعه إلى الثكنات بدلا من توظيفه وتدريبه بشكل احترافي يمكنه من الذود عن الجماعة في ساحة الشبكة العنكبوتية ، وتنظيم الحملات ، ومد المنتديات والمدونات ومراسلي الصحف والوكالات بكل ما هو جديد ، وتوظيف أدوات الثورة الإعلامية الجديدة التي يشهدها العالم وأفرزت ظاهرة " المواطن الصحفي" لمناصرة قضايا الجماعة ومعتقليها بدلا من التباكي والشكوى للظالمين بأن سياطهم تلهب ظهورنا!! .

الملف في الأدراج !!

إخراج الملف من الأدراج ، وتوظيف الطاقات والكفاءات ، واستعادة الطيور المهاجرة ، واختيار الرجل المناسب في المكان المناسب ، وإعادة الاعتبار لمبادئ مثل الكفاءة والمهنية ، والقضاء على منطق "الشللية" ، وفلسفة "السبوبة" و"تصفية الحسابات" والتي انتشرت بين أوساط العاملين في الحقل الإعلامي الإخواني ، يمهد في مجمله الطريق لإجراء عملية إنعاش سريع تعيد للآلة المعطلة حيويتها خاصة أنها مقبلة على معارك جسام وانتخابات برلمانية ورئاسية ساخنة من جانب ، وحملات اعتقال واتهامات جزافية وقضايا جاهزة على الجانب الآخر .

لا شك أن الجماعة في أمس الحاجة – عن أي وقت مضى - لآلة إعلامية قوية تخدم أهدافها الدعوية والسياسية ، وتصل بها إلى شرائح أوسع من المجتمع ، وتدفع عنها حملات التشويه والافتراء ، وتردع خصومها في الداخل والخارج ، شريطة أن تتجاوز النظرة السلبية التي تأسر بعض قادتها إزاء الصحفيين والإعلاميين من أبناء الجماعة ، وأن تنفض التراب الذي يعلو هذا الملف منذ سنوات ، بعيدا عن سياسة التنفيس والمسكنات ، وتقبل النقد دون تخوين ، وتجاوز النظرة المسبقة بأن هناك من يريد إثارة البلبلة وسط صفوفها ، ويطعن الجماعة في ظهرها !.

الملف حساس بالفعل ويجب أن يتجاوز أية مصالح شخصية ، فالجماعة تظلم نفسها وأفرادها ، وقبلها تظلم فكرتها وأهدافها حال استمرت غيبوبة آلتها الإعلامية ، وتتفاقم إزاء استمرار ذلك الوضع خسائرها داخليا وخارجيا، وتتكالب عليها المعارك والخصوم ، والوقت لم يعد في صالحها لمزيد من التسويف والتأجيل ، كما أنه ليس من الحكمة تجاهل محاولات الإنعاش .

صحفي من جريدة اُفاق عربية

تعليقات

  1. تصدق بالله
    أن كنت بتكلم مع أخ في هذا الموضوع أمس
    وبالمناسبة هذا الاخ يعمل في المجال الاعلامي للجماعة
    وأخبرته بكلام زي كلام حضرتك
    قالي للأسف ده مش عيب في الجماعة ولكن بسبب ضغوط أمنية رهيبة وذكرت له تجربة قناة الاقصى
    قال لي : لا يوجد قناة ترفع اسم الاخوان وهذه القناة لا يوجد لها مراسلين في معظم البلاد العربية كما أنها لا تحمل اسم الاخوان
    قد تشارك في برامج قد تظهر في برنامج ممكن
    انما يرفع شعار الاخوان في اي هيئة اعلامية فهذا خط أحمر ( أمنيا )
    ...............................
    ولكن أتفق معك في أن تتخذ الجماعة سياسات لتوحيد جهود المدونين واستخدام النت بشكل أفضل اعلاميا
    ويوضع لها خطة وجدول تشغيل
    ....................
    في الختام يا أخ محمد لا نريد أن نقسو على الجماعة وقياداتها فنحن لم نجرب الاماكن القيادية وقد يتاح للقيادة معلومات لا يعرفها القواعد (الافراد)
    وقد يكون ده مش مبرر
    تحياتي ورمضان كريم

    ردحذف
  2. السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة اتمنى من حضرتك المشاركة فى المسابقة الرمضانية على مدونتى باسم يلا نعرف الصحابة
    المطلوب
    1. الصلاة على النبى 10 مرات
    2. اجابة الصحابى ثم اضافة معلومات عنه

    ردحذف
  3. http://shbabmoslm.blogspot.com/
    هذا رابط مدونتى المتواضعة

    ردحذف

إرسال تعليق

تعليقك يهمنا...
لو لم تملك حساب للتعليق .. إختار مجهول .. ووقع في نهاية التعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تعالوا نحلم نبقى كبار

تعالوا نحلم نبقى كبار اسم اغنيه وجدتها على النت للفنان مصطفى محمود وكتير رجعت بذاكرتى الى الوراء فعلا ايام ما كنت صغير كتير حلمت أمتى أكبر وكتير حلمت أكون حاجات كتيرة بس للأسف انا لما كبرت دلوقتى وشوفت الذل اللى بنعيشه وجدت لسان حالى بيقول تعالوا تبقى صغار على الاقل مش هنفكر فى وضع البلد هنعيش الحياة بطولها وعرضها من غير تفكير فتيجوا نهرب شويه من الواقع اللى احنا فيه شويه مش على طول ولو دقيقه كدا كتير دقيقه طيب اوك نخليها 5 دقايق ونحلم نبقى صغار وهل كان حالنا زى الحال واحنا كبار ويلا سلام واسيبكم مع الاغنيه اللى انا حسيبت بأيام طفولتى وكم أحن اليها تعالوا نحلم نبقى كبار

سميه... كتبت شعر .. تبقى إرهابيه ... وتخش السجن.....وتحيا الحريه الغربيه ...

سمية مالك بتشتغل في مكتبة في مطار هيثرو في بريطانيا عندها 23 سنة كتبت شعر واعتقلت بسببه Free Samina Malik الحريه لسميه مالك دا خبر أعتقالها http://news.bbc.co.uk/1/hi/uk/7084801.stm دى تفاصيل أكثر عند نوارا نجم http://tahyyes.blogspot.com/2007/11/blog-post_13.html دى حمله من أجل الافراج عنها http://freesaminamalik.blogspot.com أنتهى الخبر هو الواحد هيلاحق ياجدعان اعتقال الاخوان فى مصر قلنا ماشى دول محظورين أرهابيين عاوزين إصلاح لكن البنت دى 23 سنه يعنى فى عز شبابها علشان بتكتب شعر تعتقل اه يا زمن

مبحــبش أبدا أزعل حــد ولا حبش حد يزعل منـى

السلام عليكم ازيكم يا شباب... يارب يكون الكل بخير هو أنا والله المفروض جاوبت على تاجين ... بس نخليه البوست القادم إن شاء الله ومتأسف للناس اللى بعتوه على التأخير ..لإنشغالى بعض الشيء والبوست دا هيكون بداية لسلسله من أشعار مجموعه من المدونين والشباب اللي نعرفهم على النت اللي عندهم الموهبة كتابه الشعر .. سواء الشعر العامي الحر .. أو الشعر النظامي أو اى شيء حلو ممكن يتسمع فقلنا إن مش الكل بيحب يقرا الشعر الأيام دا بس لما بنخرج الشعر دا في صورة مسموعة أو مرئية بيزيد الإقبال والناس بتحب كدا حد معاي في النقطة دي الكل معاى الحمد لله أو ممكن تقول زى ما أتعلمنا في التنميه البشرية إن الناس فيها اللي سمعي أو بصري أو حسي المهم بلاش نطلع بعيد عن موضوعنا المدون معتز عادل عند حاجات كتير ..والراجل مشكور مش ممانع نبدأ نشتغل ونعمل حاجات كويسه زيه بالضبط المدون منذر .. له حاجات كميله خالص زيه شمس زيه أحمد سعيد زيه حمادة زيدان كتير من الشباب معانا لهم كتابات وقصائد حلوة .. ممكن أنها تخدم القضايا اللي بنتشتغل فيها وحتى لو برا قضايا الحرية ... لو عن المشاعر .... لو عن الوطنية ... لو عن اى شيء إن شاء الله